الحرب على غزة.. هل تكون نقطة تحول بمصادر الطاقة؟

أكد خبراء طاقة أن الظروف التي تشهدها المنطقة بأسرها نتيجة العدوان المتوحش على غزة يجب أن تكون الفرصة لمراجعة الحسابات وأخذ زمام القرار تجاه تحول طاقي إلى المصادر المحلية وذلك حماية للأمن الوطني من أي مخاطر.
الأردن يعتمد حاليا بنسبة 86 % في إنتاج طاقته الكهربائية على الغاز الطبيعي وغالبيته مستورد إما من كيان الاحتلال أو من مصر أو المستورد من خلال عطاءات دولية وبعض الإنتاج المحلي المحدود، إلى جانب استيراد نفط خام بمعدل 15 ألف برميل يوميا من العراق.
الخبراء أكدوا أن تجارب الأردن تاريخيا بالاعتماد على مصدر واحد للطاقة تؤشر إلى ضرورة تعزيز أمن التزود وتوفير مخزون إستراتيجي للمملكة.
وشددوا على ضرورة تعزيز الاعتماد على الذات في مجال الطاقة لأن أي متغيرات مفاجئة عالميا ستحرمنا من مصادر الطاقة المستوردة بدون بدائل.
يشار إلى ان معدل كميات الغاز الطبيعي المستهلكة في محطات توليد الطاقة الكهربائية العاملة في المملكة بلغ نحو 344 مليون قدم مكعب يومياً العام الماضي، والتي ساهمت بنسبة 68 % بتوليد الطاقة الكهربائية في محطات توليد الكهرباء.
عميد الكلية الوطنية للتكنولوجيا د. أحمد السلايمة يرى أن الظرف الحالي يدفع باتجاه ضرورة الإسراع بالتحول الطاقي من خلال زيادة مساهمة المتجددة وبدء إنتاج الهيدروجين الأخضر بمشاريع التخزين وتوظيف السدود في ذلك بما يعزز من استقرار النظام الكهربائي الأردني.
وأكد أهمية استخدام البطاريات في التخزين، مع الالتزام العالمي فيما يخص الحياد الكربوني والوصول إلى نسبة صفر في إنتاج الكربون بحلول العام 2050، والتحول إلى النقل الكهربائي، والتعرفة المرتبطة بالزمن لزيادة الاستهلاك في وقت يكون فيه إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهربائية فائضا، كما لا يقل أهمية عن ذلك مواضيع كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك.
السلايمة جدد التذكير بأن الأردن عانى سابقا من تبعات الاعتماد على الطاقة المستوردة من الخارج حيث كان يستورد حوالي 97 % من حاجته قبل 2011 أي قبل الربيع العربي من مصر، ومع التوترات في الإقليم انقطع الغاز المصري ما أدى الاعتماد على الوقود الثقيل وتكبد شركة الكهرباء الوطنية خسائر تقدر بنحو 5 مليارات دينار.
وتبلغ مستوردات المملكة من النفط 150 ألف برميل يوميا يتم استيراد 10 % من العراق وبمعدل 15 ألف برميل يوميا تنقل بالصهاريج بموجب اتفاق يربط بين البلدين منذ العام 2021 ويجدد سنويا حيث بلغ حجم المستوردات مجموع ما استوردته المملكة من العراق منذ بداية العام إلى نحو 2.79 مليون برميل مقابل 1.45 مليون برميل خلال نفس الفترة ذاتها من العام الماضي، عليما بأن التوريد خلال الفترتين كان متوقفا لمدد مختلفة تتلعق بتجديد الاتفاق السنوي بين البلدين في هذا الشأن.
الإستراتيجية المحدثة للطاقة، ووفقا للسلايمة، نصت على الاعتماد المتزايد على الطاقة المحلية، ما يعني عدم التأثر بأي توترات أو نزاعات في المنطقة لأنها وخصوصا الطاقة المتجددة مصادر مستدامة لا يمكن قطعها لاي سبب، لافتا إلى أنه ومنذ دخول الطاقة المتجددة إلى خليط الطاقة بعد العام 2012 انخفضت نسبة استيراد الطاقة من 97 % إلى نحو 87 % حاليا لأن نحو 28 % من الطاقة الكهربائية في المملكة أصبحت من مصادر الطاقة المتجددة.
وأضاف أن الصخر الزيتي يعتبر مصدرا محليا مهما يخطط لأن يساهم بنحو 15 % من خليط انتاج الكهرباء ما يجعلها طاقة محلية لا يتم استيرادها رغم ان تكلفتها قد تكون أعلى بقليل من الغاز المستورد لكنها تعزز من أمن التزود بالطاقة بحسب السلايمة.
وقال أيضا إن هذا الأمر غير كاف لاننا ما زلنا نعتمد بشكل كبير على الغاز المستورد في انتاج الكهرباء وبالتالي يجب زيادة مساهمة الطاقة المتجددة وتحديث الاستراتيجية بحيث يكون 50 % من الطاقة الكهربائية في الأردن مصدرها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2023، مع الإسراع في موضوع الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة، وهو مثل الغاز من أفضل مصادر الطاقة.
من جهته، قال المدير العام السابق لشركة الكهرباء الوطنية د. أحمد حياصات إن الاستمرار في تنويع مصادر الطاقة عامل مهم في وجه أي ظرف ينتج عنه قطع أحدها وذلك لامكانية تعويضه بمصدر آخر بالسرعة الممكنة.
وبين أنه لا توجد احتمالات واضحة لقطع المصادر كلها في الوقت ذاته فلو قطع غاز الاحتلال من غير الوارد أن يقطع معه الغاز المصري أو المستورد بحرا في ذات الوقت، وفي أسوأ الاحتمالات العودة إلى الوقود التقليدي لكن بكلف أعلى.
وأردف “من المهم أيضا زيادة الاعتماد على المصادر المحلية التي تعتبر مصدرا مستداما لا ينقطع بأي ظرف خارجي”.
مدير عام مجموع قعوار للطاقة حنا زغلول قال إن ما نمر به يجب أن يكون جرس إنذار للدفع باتجاه التحول نحو المصادر المحلية وتبني تكنولوجيات متقدمة تغني عن المصادر المستوردة.
وشدد على ضرورة تعزيز الاعتماد على الذات في مجال الطاقة لأن أي متغيرات مفاجئة عالميا ستحرمنا من مصادر الطاقة المستوردة دون وجود داعم لتأمين مصادرها، كما سيلقي ذلك بعبء مالي كبير على الحكومة.
وشدد على ضرورة دعم نشر استخدام الطاقة المتجددة حتى في المنازل ما يخفف من عبء ضرورة انتاج كميات أكبر من الطاقة الكهربائية على الحكومة، واعتماد أجهزة تخزين وإدارة الطاقة على مستوى المستهلك وشركات التوزيع وشركة نقل الكهرباء.
من جهتها، قالت المستشارة في قطاع الطاقة رانيا الهنداوي إن تجارب الأردن تاريخيا من الاعتماد على مصدر واحد للطاقة تؤشر على ضرورة تعزيز أمن التزود وتوفير مخزون إستراتيجي للمملكة.
وتحتفظ الحكومة بمخزون إستراتيجي من الغاز والمشتقات النفطية في منشآت الشركة اللوجستية لادارة المرافق النفطية “جوتك” التي تشغل ثلاثة مرافق مستقلة موزعة بشكل استراتيجي في المملكة، والشركة مملوكة بالكامل من قبل الحكومة، وبدأت أعمالها التشغيلية خلال العام 2018.
وقدرت الحكومة سابقا كفاية المخزون من المشتقات النفطية في المملكة في جميع مرافق التخزين سواء حكومية او خاصة بين شهرين وستة أشهر حسب نوع المنتج ومعدل كميات الاستهلاك اليومية.
وأكدت الهنداوي على أهمية تنويع مصادر الغاز وهو ما عملت عليه الحكومة فعلا من خلال توفير باخرة الغاز العائمة التي تعد أمنا إستراتيجيا من خلال توفير مخزون من الغاز، إلى جانب تمكين شركات تسويق المشتقات النفطية من الاستيراد وبناء مخرون لديها أيضا.
كما شددت على أهمية تمكين انتاج الطاقة من الصخر الزيتي باعتباه مصدرا محليا مستمرا إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة.
وشكلت الطاقة الكهربائية المشتراة من الصخر الزيتي العام الماضي نحو 4.2 % من اجمالي مشتريات شركة الكهرباء الوطنية من مختلف مصادر التوليد العام الماضي، فيما لم يكن هذا المصدر موجودا في العام الذي سبقه.
الغد