الجمهوريون يمررون قراراً في مجلس النواب الأمريكي بخفض كبير للإنفاق العام ورفع سقف الدَين… لكنه لن يمر في مجلس الشيوخ

أقرت الغالبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي خطة رئيس المجلس وزعيم كتلتهم كيفن مكارثي، التي تنص على خفض غير مسبوق في الإنفاق العام ورفع سقف الدَين.
وأُقر مشروع قانون “الحد والتوفير والنمو” في مجلس النواب بغالبية ضئيلة من 217 نائباً في مقابل 215، لكن سيطرة الديموقراطيين على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض تجعل من الصعب تحوله إلى قانون.
وتنص الخطة على خفض قدره 4.5 تريليون دولار في الإنفاق الفدرالي في السنوات العشر المقبلة في مقابل رفع سقف الدَين بمقدار 1.5 تريليون دولار البالغ حالياً حوالي 31 تريليون دولار، وهو مبلغ تراكم في ظل حكم رؤساء ينتمون للحزبين الرئيسيين على مدى عقود.
وكان مكارثي يرى أن الأمر ليس محسوماً. فقد تواصلت المفاوضات يومي الثلاثاء والأربعاء لإقناع جميع الجمهوريين بخطته، نظرا لهامش المناورة الضيق الذي يملكه بسبب الغالبية الضئيلة التي يتمتع بها.
وكان الأمر يشكل اختبارا لرئيس مجلس النواب، من أجل إثبات قدرته على الجمع عند الضرورة، مع حزب ممزق بين قوى عدة.
وبنجاحه في تحقيق ذلك، يعزز الزعيم الجمهوري الضغوط على جو بايدن الذي بدأ يوم الثلاثاء الماضي حملته لإعادة انتخابه في 2024.
وقال مكارثي في بيان أن “مجموعتنا صوتت للخطة الوحيدة في واشنطن التي تعالج سقف الدَين وتنهي الإفراط في الإنفاق الفدرالي وتعيد بلادنا إلى طريق النمو المستدام”.
ومباشرة بعد الانتهاء من التصويت، انتقد البيت الأبيض التشريع الذي يقطع الرعاية الصحية عن المحاربين القدامى وأمريكيين آخرين ويوسع التخفيضات الضريبية للأثرياء.
وأكدت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار “أوضح الرئيس بشكل جلي أن لا فرصة أمام مشروع القانون هذا ليتحول إلى قانون”.
وأضافت أن “الرئيس بايدن لن يرغم أبداً الطبقات الوسطى والعمال على تحمل وطأة التخفيضات الضريبية للأثرياء، كما يقضي هذا النص”.
وأكدت أنه “يتعين على الجمهوريين أعضاء الكونغرس التحرك بشكل فوري وبدون شروط لتجنب التخلف عن السداد، وضمان عدم تعريض سمعة الولايات المتحدة والتزاماتها للخطر”، مشددة على أن “هذه هي وظيفتهم”.
ويرفع مشروع القانون الجمهوري الواقع في 320 صفحة حد سقف الدَين حتى آذار/مارس 2024، ما يمهد الطريق لمواجهة أخرى في هذا الشأن في خضم الحملات الانتخابية الرئاسية، أو حتى يصل الدَين إلى 32.9 تريليون دولار.
لكنه يخفض الإنفاق الفدرالي بشكل كبير ويلغي أجزاء رئيسية من برنامج بايدن، مثل مساعيه لإلغاء ديون الطلاب ومكافحة التغير المناخي.
وبدأت الحملة الانتخابية فعليا الثلاثاء. وعلق كيفن مكارثي على إعلان جو بايدن ترشحه للانتخابات بالقول إن الرئيس “يركز على ما يبدو على مستقبله السياسي بينما عليه التركيز على مستقبل الولايات المتحدة”.
وسمح التصويت في مجلس النواب الذي جرى مساء الأربعاء بتعزيز موقفه. فقد أكد مكارثي أنه “يوجه رسالة واضحة إلى الرئيس بايدن: الاستمرار في تجاهل المشكلة ليس خياراً. يجب أن يجلس الرئيس على الطاولة ويتفاوض”.
وأكد الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض قبل معرفة نتيجة التصويت “سأكون سعيداً بلقاء مكارثي لكن ليس بشأن رفع أو عدم رفع سقف الدَين”، مؤكدا أن هذا الأمر “غير قابل للتفاوض”.
ويرى الديمقراطيون أن سقف الدَين ليس موضوعاً قابلاً للتفاوض، مذكرين بأنه لا يتعلق بنفقات جديدة بل بإنفاق أقرته أدارات من الحزبين في الماضي.
وبالنسبة للولايات المتحدة فإن المجازفة كبيرة إذ أن البلاد لم تواجه في تاريخها حالة تخلف عن سداد ديونها. وتعتبر ديون الخزانة الأمريكية أساس تقييم الأصول الآمنة في العالم، ومعدلات فائدتها هي الأساس لتسعير المنتجات والتعاملات المالية في جميع أنحاء العالم. وحذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مرة أخرى من أن التخلف عن السداد “سيسبب كارثة اقتصادية ومالية”.
وخلافا لمعظم الاقتصادات المتقدمة، هناك سقف محدد لديون الولايات المتحدة ويجب أن يتم التصويت عليه من قبل الكونغرس من أجل مواكبة ارتفاعه. وهذا الوضع حدث 78 مرة منذ بداية ستينيات القرن الماضي لكنه مر في غالب الأحيان بلا صعوبة.
والتوصل إلى توافق سريع هو ضرورة للولايات المتحدة لا سيما وأن التخلف عن السداد قد يحدث بسرعة أكبر مما كان متوقعاً في البداية.
في مذكرة نُشرت يوم الإثنين الماضي تحدثت وكالة “موديز” للتصنيف الإئتماني عن إمكانية تخلف عن السداد “ربما في بداية حزيران/يونيو”.
وبدأ المستثمرون أخذ هذا الاحتمال في الاعتبار كما يتبين من تكاليف التأمين لتغطية أنفسهم من تخلف عن السداد من جانب الولايات المتحدة. وتكاليف التأمين هذه هي الأعلى منذ 2011.
وترى “موديز” أن خطة مكارثي ليست بالضرورة الحل المناسب لأنه سيكون لها تأثير حقيقي ضار على الاقتصاد بما في ذلك انخفاض بنسبة 0.6 نقطة مئوية في النمو المحتمل للولايات المتحدة لعام 2024 والقضاء على 780 ألف وظيفة وهو ما يخيف الجمهوريين المعتدلين.
وقال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، للصحافيين إن مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب “مات حتى قبل وصوله” إلى مجلس الشيوخ وأن الإجراء الذي اتخذه الجمهوريون “يُقرِّبنا فقط بشكل خطير” من تخلف تاريخي للبلاد عن سداد الديون من شأنه أن يهز الأسواق والاقتصادات في جميع أنحاء العالم.
ويسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ بأغلبية 51 صوتا.
كما عبر الديمقراطيون عن أسفهم للتخفيضات الشديدة في الإنفاق التي قد يجلبها الإجراء إلى برامج مثل الرعاية الصحية للفقراء وبرامج أخرى تشمل إنفاذ القانون وعمليات أمن المطارات.
- ا ف ب