قطاع سعودي ينافس النفط بالنمو.. “تجديد وتنويع” وسيولة البنوك تتقلص

نما القطاع غير النفطي في السعودية، الذي يخلق فرص العمل، بأسرع وتيرة منذ أكثر من عام، وساعد المملكة على تسجيل أسرع نمو إجمالي بين الاقتصادات العالمية الكبرى، وفق ما أوردت بلومبرغ.
وأظهرت تقديرات للهيئة العامة للإحصاء، الثلاثاء، أن الاقتصاد غير النفطي نما بنسبة 6,2 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2021.
وارتفع الاقتصاد النفطي بنسبة 6,1 في المئة خلال الفترة عينها بفضل ارتفاع أسعار الخام العالمية.
وأشارت تقديرات رسمية أولية، الثلاثاء، إلى أن الاقتصاد السعودي نما بنسبة 5,4 في المئة في الربع الرابع من 2022 لكن تلك النسبة تعد تباطؤا مقارنة بنمو على أساس سنوي في الربع الثالث بلغ 8,8 في المئة، حسب ما أوردت رويترز.
وذكرت الهيئة العامة للإحصاء مستندة لتقديرات أولية أن الأنشطة النفطية نمت 6,1 في المئة في الربع الرابع على أساس سنوي بينما نمت الأنشطة غير النفطية 6,2 في المئة. وشهدت الأنشطة النفطية بذلك تباطؤا ملحوظا مقارنة بنمو بلغ 14,2 في المئة سجلته في الربع الثالث.
وخفضت السعودية إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا في نوفمبر مقارنة بأكتوبر بعد أن اتفق تحالف أوبك+ على خفض الإنتاج.
وتبين أن التوقعات السعودية بشأن النمو الإجمالي كانت تقدر بـ8,7 في المئة العام الماضي. وهذا ما يتماهى مع توقعات صندوق النقد الدولي، والتي تظهر أن المملكة تتصدر مراتب الاقتصادات الكبرى قبل الهند بنسبة 6,8 في المئة. والاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي تقلص خلال العام 2022 هو الاقتصاد روسيا، حسب تقرير بلومبرغ.
فالاقتصاد السعودي هو الأسرع نموا في العالم، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة بأسرع وتيرة منذ عام 2021.
وفي أحدث توقعاته للعالم، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للمرة الأولى منذ عام.
وحسب بلومبرغ، فإن السعودية ودول الخليج العربي محصنين حتى الآن من المشاكل الاقتصادية العالمية، وذلك بعد بلغ متوسط خام برنت، المصدر الرئيسي للدخل في هذه الدول، إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل في عام 2022، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
إلا أنه خلال العام الماضي، أعلن المسؤولون السعوديون عن زيادة في الإنفاق من شأنها أن تقلص بشكل حاد فائض الميزانية هذا العام. وقال مسؤولون إن السعودية ستستخدم الفائض لتجديد احتياطياتها، وإجراء تحويلات إضافية إلى صناديق الثروة السيادية، وتعزيز الإنفاق على المشاريع التي تهدف إلى المساعدة في تنويع الاقتصاد بعيدا من الاعتماد على مبيعات النفط الخام.
وخفض صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، توقعاته بشكل كبير للنمو خلال عام 2023 في السعودية أكبر مصدري النفط في العالم على خلفية خفض الإنتاج المتوقع.
ويتوقع الصندوق الآن أن يسجل أكبر اقتصاد في العالم العربي نموا بنسبة 2,6 في المئة في عام 2023، وهو ما يقل عن أداء المنطقة بشكل أوسع، ويقل أيضا 1,1 نقطة مئوية عن تقديرات الصندوق في أكتوبر للنمو السعودي.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير “يعكس خفض التوقعات لعام 2023 بشكل أساسي تقليص إنتاج النفط تماشيا مع اتفاق أوبك+، بينما من المتوقع أن يظل النمو غير النفطي قويا”.
وأضاف أنه من المتوقع تباطؤ نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى هذا العام إلى 3,2 في المئة، من 5,3 في المئة في 2022، مضيفا أن هذا “يعود في المقام الأول إلى تباطؤ أكبر من المتوقع للنمو في السعودية”.
وساعد ارتفاع أسعار النفط في تحول الميزان المالي للمملكة ليسجل فائضا للمرة الأولى منذ 2013 العام الماضي، بما قد يمثل 2,6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع تسجيل فائض آخر، وإن كان أقل، في عام 2023 الذي تخيم عليه المخاوف الاقتصادية العالمية وضبابية توقعات الطلب على النفط، حسب رويترز.
وتوقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، تباطؤ الاقتصاد العالمي هذا العام مع استمرار البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، وأشار أيضا إلى أن الإنتاج سيكون أكثر مرونة مما كان متوقعا في السابق وأنه سيتم تجنب الركود العالمي على الأرجح.
وأطلق الصندوق في مؤتمره الصحافي، الذي عقده كبير الاقتصاديين ومدير قسم الأبحاث بيير أوليفييه غورينشا، مع مجموعة من خبراء الصندوق تقرير يناير 2023، “مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي: التضخم في اتجاه الذروة وسط أجواء النمو المنخفض”.
سيولة البنوك السعودية
وفي إطار آخر، قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية الإثنين إن النمو السريع للائتمان في السعودية قلص سيولة البنوك من دون أن يتضح ما إذا كانت الحكومة ستعزز الودائع لدى النظام المصرفي لتخفيف الضغط.
وذكرت ستاندرد آند بورز في توقعاتها للقطاع المصرفي السعودي لعام 2023 أنه بينما يشهد إقراض البنوك للشركات زيادة بسبب المشروعات المرتبطة بأجندة “رؤية 2030” لتنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على النفط فإنه “من المرجح أن يمثل توافر التمويل قيدا لأول مرة منذ فترة”، حسب رويترز.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الائتمان الذي ارتفع بسرعة في عصر أسعار الفائدة المنخفضة جنبا إلى جنب مع نمو قروض الرهن العقاري، وسط ارتفاع أسعار الفائدة وتشبع السوق.
وقالت ستاندرد آند بورز إن نسبة القروض إلى الودائع في القطاع المصرفي السعودي ارتفعت إلى 102 في المئة في الربع الثالث من عام 2022 مقابل 85 في المئة في نهاية 2018 “بسبب تباطؤ نمو الودائع، ومعظمها من القطاع الخاص”.
وذكرت أن الودائع لأجل محدد لم تزد تقريبا في تلك الفترة بسبب انخفاض أسعار الفائدة.
وأضافت “في الوقت نفسه، عزز المستثمرون السعوديون استثماراتهم في الأسهم الأجنبية”. وأشارت تقديراتها إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السيادي البالغة قيمته 600 مليار دولار ربما شكل ما يتراوح بين 25 و40 بالمئة من هذه التدفقات للخارج.
وقالت ستاندرد اند بورز إن البنك المركزي السعودي نفذ عمليات ضخ للسيولة خلال الجائحة وأيضا خلال العام الماضي للمساعدة في تجنب أزمة ائتمان ولدعم النشاط الاقتصادي، وفق رويترز.
وأضافت الوكالة “نتيجة لذلك، وصل النظام إلى عجز هيكلي في السيولة منتصف عام 2022 إذ تجاوز الاقتراض من البنك المركزي السعودي الإيداع فيه”.
وأوضحت الوكالة أن الحكومة تحتفظ بالودائع لدى البنك المركزي بدلا من إيداعها في البنوك التجارية.
وذكرت أنه “في عام 2023، سيواصل المركزي السعودي تمديد آجال حزم الدعم والتسهيلات الأخرى لتجنب أزمة ائتمان، وربما زيادة حجم الدعم، مع تشجيع البنوك على اجتذاب ودائع من القطاع الخاص”.
وبينما تبقي ستاندرد آند بورز على توقعات إيجابية لمعظم البنوك السعودية، شأنها شأن الوضع السيادي، فإنها تتوقع ارتفاع الربحية بأقل من التقديرات مع تحول العملاء إلى الودائع لآجال محددة من الحسابات الجارية وحسابات التوفير، مما يزيد من الضغط على هوامش المقرضين، وفق رويترز.
- الحرة