رئيسيمقالات مختارة

هيكلة التعرفة الكهربائية.. خطوة مهمة

رسمي حمزة*

لطالما تحدثنا خلال الأعوام الماضية حول المشاكل المتراكمة في قطاع الطاقة، التي لا بد من البدء في إصلاحها وفكفكتها للخروج من الأمر الواقع، ومن منهج الحديث عنها كمسلمات أو مكاسب لا يمكن الاقتراب منها؛ المعالجات تأتي على جرعات، ولكن برؤية واضحة للوضع الأمثل الذي نرغب بالوصول إليه.
في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي “حالة الطاقة في الأردن” للعام 2018 الذي تشرفت بالعمل مع المجلس عليه، كانت واحدة من أهم توصياته “إعادة النظر بهيكلة التعرفة الكهربائية، وأنها غير عادلة، وغير محفزة للقطاعات والأنشطة الاقتصادية المهمة للبلد، وأنها تمنح الدعم للجميع، الأردني والمقيم، وهذا لا يحصل بأي بلد آخر”.
أن تصل متأخرا أفضل من ألا تصل أبداً؛ وأعتقد أن إعادة هيكلة التعرفة الكهربائية هي واحدة من أهم خطوات إصلاح التشوهات في قطاع الكهرباء؛ الآن واعتباراً من الأول من شهر نيسان، أصبح عدد الشرائح المدعومة ثلاثا بدلاً من سبع؛ من 1-300 كيلوواط شهرياً (تدفع 5 قروش/ك)، ومن 301-600 شهرياً (تدفع 10 قروش/ك)، ومن 600 وأكثر (تدفع 20 قرشا/ك)، وهنالك التعرفة غير المدعومة وتشمل شريحتين (من 1-1000 وتدفع 12 قرشا/ك، وأكثر من 1000 وتدفع 15 قرشا/ك).
يهمنا كثيراً القطاع المنزلي؛ وهنا يجب القول إن أغلبية المنازل (90 %) تستهلك أقل من 600 كيلوواط شهرياً، أي الشريحتين الأولى والثانية، وأغلبها مع الدعم المقدم، لن تتأثر ارتفاعاً بقيمة فاتورتها الشهرية، وكثير من مستهلكي الشريحة العليا الثالثة ستتأثر إيجاباً، بمعنى أنها ستنخفض قليلاً، لأن هذه الشريحة تدفع الآن سعراً غير عادل يصل إلى 26 قرشا لكل كيلوواط وستدفع بالتعرفة الجدية 20 قرشاً/ك.
وفي المقابل، لطالما تحدثنا عن زيادة القدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية الكبرى، مثل الصناعة والزراعة وغيرها، وهنا جاءت التعرفة لتقدم دعماً إضافياً لهذه القطاعات من خلال إلغاء تعرفة الحمل الأقصى وخفض التعرفة الكهربائية النهارية، وهذا أمر سيسهم في خفض فاتورة هذه القطاعات بنسبة تتراوح بين 8 و11 % من فاتورة الكهرباء. هذه أمور إيجابية، رغم أننا نطمح لزيادة الدعم لهذه القطاعات، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح لإصلاح التشوه القائم والمزمن.
وهنا علينا الإشارة لأمر مهم؛ أن إعادة هيكلة التعرفة لا تعني بالمطلق زيادة عوائد شركة الكهرباء الوطنية، بل هي عملية إعادة تصحيح عادل لأسعار الشرائح، وتوزيع الدعم على مستحقيه، بالوقت نفسه، هي تقديم الدعم للقطاعات المنتجة، هذا إلى جانب تحديد أن الدعم الحكومي على الأسعار هو مقدم للمواطن الأردني كما هو متبع في دول العالم كافة، مع أهمية مراعاة التعليمات الجديدة في تحديد عداد واحد فقط لكل أسرة (دفتر عائلة)، وهذا إصلاح آخر لتجاوزات وخلل كان قائماً، فكثيراً ما كنا نرى أن هنالك أكثر من عداد كهرباء في المنزل الواحد بهدف توزيع الاستهلاكات على هذه العدادات للاستفادة من سعر الشريحة الأولى المدعومة آنذاك بنسبة 70 %.
أعتقد أن التعرفة الجديدة هي خطوة باتجاه إصلاح واقع شابه الكثير في قطاع الكهرباء، نتيجة لتراكمات سنوات من تقديم الدعم ووضع تعليمات بشكل غير مهني وغير مدروس، وهي تراكمات لعشرات السنوات، كان يتردد الكثيرون في الاقتراب منها وكأنها مكتسبات للناس. ومن المهم اليوم أن يكون هنالك فهم واضح لآلية الاستفادة من الدعم، وأن يقدم ذلك بشكل سلس ومنظم للمواطنين، حتى نضمن عملية انتقال سهلة، وأعتقد أن هيئة قطاع الطاقة والمعادن قد بدأت بالعمل مع شركات توزيع الكهرباء على هذا الأمر.

  • هذا المقال نشر في صحيفة الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى