مقالات مختارة

الخصخصة.. ومبادلة ديون نادي باريس

 

من وقت لأخر، وكلما برز اسم احد عرابي الخصخصة التي جرت في الأردن وبدأت في أواخر تسعينات القرن الماضي، تعلو الأصوات التي تهاجم تجربة الخصخصة دون حكم موضوعي أو دون توجيه اصبع الاتهام إلى جوهر الخلل في نهج الخصخصة التي جرت.

في البداية ذهبت الحكومة، إلى نموذج التخلي الكامل عن الملكية (الاتصالات الأردنية نموذجا)، تم تحولت إلى الاحتفاظ بنسبة مؤثرة من الاسهم فيما يسمى بالسهم الذهبي(البوتاس والفوسفات)، وبعد ذلك ذهبت إلى نموذج البناء والتشغيل ونقل الملكية(المطار)، وأخيرا مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

بعض النماذج لم تكن موفقة؛ إذ كان الشريك، سواء المالي او الاستراتيجي، يفرض شروطه والنموذج الاستثماري الذي يرغب به لتحقيق مصالحه.

في جميع الأحوال، حققت الخصخصة بعضا من الاهداف المطلوبة من ناحية تحسين مستوى الخدمات واستثمار الموارد بالشكل الأمثل ورفع كفاءة المشروعات وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية، وتحولت الحكومة من مشرف مباشر على الخدمات إلى منظم لها.

لكن الاختلالات والتشوهات الاقتصادية لازالت موجودة، ولم نتمكن من وقف نزف المال العام ولم نخفف العبء المالي عن كاهل الخزينة، ولازال الاقتراض الخارجي مستمرا.

في هذه المقالة، لست بصدد الحكم على الخصخصة، فقد تشكلت لجنة رفيعة المستوى برئاسة دولة الدكتور عمر الرزاز(قبل تشكيله الحكومة) وقالت كلمتها.

في المقابل، كان هناك هدف أخر للخصخصة ليس فقط تحسين الخدمات، بل استثمار عوائد الخصخصة المالية لاستثمارها في مشروعات منتجة توفر فرص عمل للشباب وتعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، تحت مسمى “صندوق الأجيال”.

فأين هو هذا الصندوق؟ بادلت الحكومة ما يقارب 2.4 مليار دولار من ديون دول نادي باريس بخصم حوالي 11 بالمئة وفرت فيها نحو 300 مليون دولار، فضلا عن الفوائد التي ستتحقق عليها في حال عدم السداد. هذا الإجراء تم في عام ربيع عام 2008، الذي اندلعت في خريفه ازمة مالية عالمية، بوادرها لم تكن خافية على أحد ومنذ سنوات زرعت بذورها الاسواق الأميركية بعد هجمات ايلول (سبتمبر) في عام 2001.

في وقت المبادلة، كانت نسبة الخصم في السوق العالمية أعلى بكثير من 11 بالمئة، حتى أن الأردن في وقت سابق بادل ديون مشابهة بخصم نسبته 50 بالمئة. من كان وراء هذه الصفقة هو الذي اضر بالمصلحة الاقتصادية الوطنية، لان استثمار الأموال في مشروعات انتاجية وصناعية وموجهة للتصدير هو الذي يصب في خدمة الوطن اقتصاديا واجتماعيا. من وقف وراءها يجب أن تتم محاكمته واضافتها إلى تهم خطيرة يواجهها حاليا وهو خلف القضبان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى