مقالات مختارة

من استعمار إلى استعمار

أهم نتائج الحروب، أفول قوى سياسية وعسكرية، وبروز قوى اخرى. هذا ما نتج عن الحرب العالمية الأولى؛ فكانت بريطانيا العظمى وفرنسا وبعض الدول الأوروبية هي التي تسود العالم وتتحكم به، حيث خرجت قوية منتصرة بالحرب الكونية الأولى.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، برزت القوتين الأعظم في العالم: الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية، وباتت الأولى تدعم قوى التحرر في العالم من ربقة الاستعمار، وفي معظمه بريطاني فرنسي، بينما الثانية بدأت بصياغة نظام عالمي جديد جوهره الاقتصاد، وذلك مع انطلاق معاهدة بريتون وودز التي انبثق عنها صندوق النقد الدولي بهدف بناء نظام اقتصادي دولي أكثر استقرارا، واتفاقية الجات لإزالة القيود أمام حرية التجارة العالمية، والتي تحولت لاحقا إلى منظمة التجارة العالمية. لكن الاتحاد السوفيتي دولة لم تنسى مصالحها ولم تغفل عن منافسة القطب الغربي، الولايات المتحدة الأميركية، فكان التنافس في التصنيع الحربي وعلى النفوذ والمصالح الاقتصادية، فما أن تقترب اميركا خطوة من منطقة إلا ووضع الاتحاد السوفيتي او عزز وجوده في احدى دول المنطقة. والحدث الأكبر في تاريخ هذا الصراع، أفغانستان التي وصل للحكم فيها موالون للروس في عام 1978، حيث عززت موسكو من وجودها في وسط اسيا وباتت تهدد المصالح الأميركية في باكستان. وبدأت بعدها مجهودات مقاومة الوجود الروسي في افغانستان والتي استدعت استخدام الدين كسلاح لدحر الروس الماركسيين، والتي ادت في العام 1989 إلى انسحاب القوات الروسية بعد ان تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وذلك لتحالف نشأ باسم الدين، لكن في افغانستان انقلب السحر على الساحر فبات المقاتلون فيما يسمى تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن، والمتحالفين مع حركة طالبان بقياد المولا عمر الذين قاوموا الوجود الروسي، يقاومون الوجود الاجنبي، اين كان، وعلى رأسه الأميركان.
شدني، لأسوق هذه المقدمة، احتفال دولة عربية بجلاء المستعمر عن اراضيها، لكن بمشاركة قوى اجنبية استدعت الظروف والتطورات الأخيرة في المنطقة وجودها.
يبدو أن ما جرى من تحرر على مستوى العالم، كان بالواقع، تغييرا في اسماء الدول، وهذه المرة لا تحكمه إلا المصالح الاقتصادية ثم تتبعها السياسية والعسكرية، وغالبا لا تكون هذه المصالح مشتركة ومتعادلة، بل تصب في مصلحة الأجنبي على حساب الدولة وشعبها ومواردها.
لازال منطق القوة هو الذي يحكم؛ فما أن تظهر بوادر على وجود موارد طبيعية مثل النفط والغاز في محيطة دولة ما، البري والبحري، تبدأ الدول العظمي في التنافس على الوصول إلى هذه الموارد، اعتمادا على علاقات تحالف تاريخية، اميركا روسيا بريطانيا كمثال حينا، واستغلالا لتقصير قوى عالمية واهمالها لدول معينة، مثال: الصين السودان، حينا آخر.
شرق المتوسط الآن هو منطقة الصراع الاقتصادي العالمية، مع اكتشافات للنفط والغاز في جنوب وشرق البحر المتوسط، فهل وصلنا لمرحلة الاستقلال الحقيقي؟ هل نستطيع التفاوض على استثمار الموارد المتاحة في منطقتنا بما يصب في مصالح دول وشعوب المنطقة؟ اسئلة كثيرة برسم الاجابة حتى نستطيع صياغة مستقبلنا الاقتصادي والسياسي بأيدينا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى