الملف الاقتصادي يتصدر لقاء الملك مع النواب

فايق حجازين
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة والنواب أمام المسؤوليات المنوطة بهم للتعاون والمضي قدما في خطط التطوير والنهوض بالاقتصاد الوطني. وحدد لهم المرتكزات التي تساعد في تحقيق هذا الهدف: معالجة المديونية وتحقيق النمو الاقتصادي والذي هو “الأساس للمضي قدما في المسار الصحيح”.
النمو الاقتصادي بمستويات تفوق نسبة النمو السكاني، هو المطلوب ليتمكن الاقتصاد الوطني من استحداث فرص عمل جديدة ومواجهة معدل البطالة المرتفع (5ر18بالمئة)، وهو المفتاح لزيادة الثروة وبالتالي تحسن الاحوال الاقتصادية للمواطنين وبالتالي مواجهة ظاهرة الفقر متلازمة البطالة.
جلالة الملك شدد على أهمية أن تراعي الإصلاحات المالية والاقتصادية، التي تنفذها الحكومة، حماية ذوي الدخل المحدود وتمكين الطبقة الوسطى، وفي الوقت نفسه أكد حق الدولة في زيادة إيراداتها عبر معالجة شافية وكافية لموضوع التهرب الضريبي.
وأرى أنه من الضروري عند إعادة النظر في قانون ضريبة الدخل النافذ حاليا، أن يتم معالجة موضوع التهرب الضريبي بطريقة لا هوادة فيها، لأنه من حق الدولة التي تقدم الخدمات للمواطنين أن يساهم مواطنوها في توفير إيرادات للخزينة لتتمكن الحكومة من تقديم هذه الخدمات بأفضل المستويات، وبالتالي يجب أن تكون أدوات تحصيل الضريبة كفؤة وفعالة وأن يتم تشجيع التصريح الطوعي لمصادر الدخل، وأن تغلظ العقوبات على من يثبت تهربهم من دفع الضريبة، وان يكون التنفيذ فوري.
من المهم، ونحن نعيد النظر في قانون الضريبة، ولكي لا نلجأ لتعديل مواد في القانون بعد إقراره وتنفيذه، وأن نضمن استقرار أهم التشريعات الاقتصادية التي طالها التغيير 3 مرات في أخر 7 سنوات، أن يتم صياغة مواد القانون بحيث تحد من قدرة المكلفين على (التجنب الضريبي)، والذي يعَّرف بأنه تجنب دفع الضريبة عن طريق استغلال ثغرات يجدها الخبراء في مواد القانون.
منتدى الاستراتيجيات الأردني في دراسة حديثة له، أكد أن 150 ألف منشأة تعمل في المملكة، لا تدفع سوى 75 مليون دينار ضريبة دخل سنويا، بمعدل 450 دينار لكل منشأة، وهو معدل يقل كثيرا عما يدفعه موظف أعزب براتب ومستوى دخل متواضع.
اذا ما تم تفعيل آليات التحصيل وتطبيق مواد القانون النافذ حاليا قبل تعديله، يمكن لخزينة الدولة أن تزيد الإيرادات من ضريبة الدخل والمبيعات بما يقارب مليار دينار، وهو مبلغ كبير يساعد في تقليص الفجوة بين الإيرادات والنفقات (العجز) ويسهم في زيادة خدمة الدين العام، ويقلل من اعتماد الحكومة على الاقتراض، ونصل معها إلى المرحلة التي دعا لها جلالة الملك في أكثر من مناسبة، (الاعتماد على الذات)، وهذا الاعتماد لا يتحقق إلا بتجاوز الإيرادات المحلية النفقات الجارية، وهي الحالة المثالية التي نسعى للوصول إليها قريبا؛ الاقتراض المنتج هو أن نستلف للبناء والتشييد والتنمية الاقتصادية، لا أن نقترض لنطعم اطفالنا.
زيادة تحصيلات ضريبة الدخل تعالج تشوها في هيكل الضريبة؛ فالإيرادات من ضريبة المبيعات، التي يدفعها الغني والفقير سواء بسواء، تشكل نحو 70 بالمئة من الإيرادات المحلية، بينما تشكل ضريبة الدخل، التي يدفعها الأغنياء وميسوري الحال، حوالي 20 بالمئة والنسبة المتبقية للإيرادات الأخرى. وهذا يعد تشوها، إلا أن زيادة التحصيلات من ضريبة الدخل ستؤدي إلى تحقيق بعض التوازن بين المبيعات والدخل وعندها تتحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.